"ظَريفُ الطّول"... قِصَّةُ وَطَن
يَفْتَخِرُ كُلُّ فِلَسْطينيٍّ بِأَنَّهُ مِنْ بَلَدٍ عاداتُهُ مُتَنَوِّعَةٌ وَفُنونُهُ كَثيرَة. وَمِنْ هَذِهِ الفُنونِ الدَّبْكَةُ الفِلَسْطينيَّةُ الَّتي يَصْطَفُّ لِأَدائِها الشَّبابُ وَالأَطْفالُ وَالكِبارُ مُعَبِّرينَ عَنِ اعْتِزازِهِمْ بِالمُجْتَمَعِ الَّذي يُمَثِّلونَه. فَما مَكانَةُ الدَّبْكَةِ لَدى الشَّعْبِ الفِلَسْطينيّ؟ وَما اسْمُ أَنْواعِها المُتَنَوِّعَةِ وَالآلاتِ الَّتي تُرافِقُها؟ وَما الأُغْنيَةُ الَّتي تَخْتَصِرُ قِصَّةَ الوَطَنِ وَيَضِجُّ بِها المَسْرَح؟
تَعيشُ فِلَسْطينُ داخِلَ أَرْواحِ المَلايينِ مِنْ أَبْناءِ شَعْبِها، وَكَثيرونَ مِنْهُمْ وُلِدوا وَتَرَبَّوْا خارِجَ أَرْضِها. وَبِالرُّغْمِ مِنْ تَحَدّياتِ الِاحْتِلالِ وَالتَّهْجيرِ إِلّا أَنَّ الدَّبْكَةَ بَقيَتْ حاضِرَةً عَلى أَنْغامِ الدَّلْعونا وَالميجانا وَالعِتابا في الحَفَلاتِ وَالأَعْراسِ وَالأَحْداثِ الثَّقافيَّة. فِعْلًا! لا يُمْكِنُنا أَنْ نَشْهَدَ بَلَدًا يَعْشَقُ أَبْناؤُهُ الدَّبْكَةَ كَفِلَسْطين.
تَتَمَيَّزُ الدَّبْكَةُ بِحَرَكاتِها المُتَنَوِّعَةِ الَّتي تُمَيِّزُ كُلَّ مِنْطَقَةٍ عَنِ الأُخْرى، فَنَجِدُ "السَّحْجَةَ" أَيِ التَّصْفيقِ البَسيطِ للبَنات، وَ"الدِّحّيَّةَ" وَهيَ حَرَكاتٌ تَشْمُلُ الأَرْجُلَ وَفيها التَّصْفيقُ الحادُّ وَتَلامُسُ الأَكْتافِ الَّذي يُعَبِّرُ عَنِ النِّظامِ الَّذي يَقودُهُ قائِدُ الدَّبْكَة، وَالَّذي يَقومُ بِدَوْرِهِ بِحَرَكاتٍ إِضافيَّةٍ يَتَفاعَلُ مَعَها الجُمْهورُ في المَسْرَحِ أَوِ الحَفَلات. كَما تَتَرافَقُ الدَّبْكَةُ وَالكَلِماتُ مَعَ آلاتٍ موسيقيَّةٍ عُرِفَ بِها الفِلَسْطينيّونَ مِثْلَ اليَرْغولِ وَالشَّبّابة. وَهُما آلَتانِ فَريدَتانِ مِنْ نَوْعِهِما تُبْرِزانِ الموسيقى الفِلَسْطينيَّةَ بِأَنْغامِها المَعْروفَة.
وَمِنْ ناحيَةٍ أُخْرى، للدَّبْكَةِ أَنْغامٌ وَموسيقى وَأَغانٍ عَديدَة، لَكِنَّ أَنْغامَ "ظَريفِ الطّول" تَخْتَصِرُ قِصَّةَ الوَطَنِ بِأَكْمَلِها. فَعِنْدَما تَبْدَأُ موسيقاها تَبْدَأُ مَعَها الدَّبْكَة، وَيَضِجُّ المَسْرَحُ بِأَصْواتِ مُرَدِّدي كَلِماتِ الأُغْنيَةِ الَّتي تَبُثُّ الفَرَح، وَتَتَحَدّى الِاحْتِلال، وَتَرْسُمُ صورَةً فَريدَةً تَعْكِسُ تَمَسُّكَ الفِلَسْطينيِّ بِأَرْضِهِ وَدِفاعَهُ عَنْها، وَتَغْرِسُ حُبَّ فِلَسْطينَ في القُلوب. لَيْسَتْ "ظَريفُ الطّول" مُجَرَّدَ أُغْنيَة، بَلْ هيَ رَمْزٌ لِرَفْضِ الشَّعْبِ الفِلَسْطينيِّ الِاحْتِلال، وَهيَ حاضِرَةٌ في كُلِّ المُناسَبات، وَعِنْدَ سَماعِها تَحْضُرُ فِلَسْطينُ في عَقْلِ أَبْنائِها وَخَيالِهِم، فَلا يَتَوَقَّفونَ عَنِ الغِناءِ وَالفَرَحِ لأَنَّ فِلَسْطينَ هيَ أَرْضُ الفَرَحِ وَالمُقاوَمَة. وَ"ظَريفُ الطّول" هوَ ذَلِكَ الشّابُّ الطَّويلُ الجَميلُ الَّذي خَطَفَ بِجَمالِهِ قُلوبَ الصَّبايا، لَكِنَّهُ لَمْ يَجِدْ وَقْتًا لِلِالْتِفاتِ إِلى الحُبِّ وَالعِشْقِ لأَنَّهُ وَجَدَ في فِلَسْطينَ حَبيبَتَهُ الحَقيقيَّة. لِذا، دِفاعًا عَنْ أَرْضِهِ قاتَلَ وَحارَبَ وَتَرَكَ قَرْيَتَهُ بَعْدَ انْتِهاءِ المَعْرَكَةِ ليُدافِعَ عَنْ بَقيَّةِ القُرى، وَبَقيَ عَلى هَذِهِ الحالِ إِلى حينِ اسْتِشْهادِه. وَكَما كانَتْ فِلَسْطينُ بَلَدًا لَهُ فَقَدْ كانَتْ قَبْرًا أَيْضًا إِذْ لَمْ يَكُنْ لَهُ قَبْرٌ خاصٌّ بِه. وَفي النِّهايَة، باتَتْ حِكايَةُ "ظَريفِ الطّول" مِنْ أَهَمِّ الأَغاني في فِلَسْطينَ بَعْدَ أَنْ تَناقَلَتْها الأَلْسُن.
وَأَخيرًا، اِسْتَطاعَتِ الدَّبْكَةُ وَالأَغاني الفِلَسْطينيَّةُ جَذْبَ المُسْتَمِعينَ إِلَيْها بِما تُمَثِّلُهُ مِنْ حَماسَةٍ وَحُبٍّ للوَطَن. وَلَيْسَ الوَطَنُ فِلَسْطينَ فَقَط، إِذْ يَتَفاعَلُ مَعَ هَذِهِ الكَلِماتِ كُلُّ إِنْسانٍ يُحِبُّ وَطَنَهُ لِما تَحْمِلُهُ مِنْ عاطِفَةٍ جَيّاشَة. وَأَنْت؟ هَلْ تَحَمَّسْتَ لِزيارَةِ فِلَسْطينَ وَرَقْصِ الدَّبْكَةِ مَعَ أَبْنائِها؟
هذا النّصّ من تأليف التّلميذة "لينة النّاصر" بإشراف المعلّم "محمّد فراس غايرلي" في الصّفّ السّابع من "المدرسة العالميّة الأميركيّة - الإمارات العربيّة المتّحدة" خلال مشاركتها في مسابقة التّعبير الكتابيّ على منصّة "كم كلمة" في العام الدّراسيّ 2023-2022.
صورة الدّرس من إعداد التّلميذة "تايا علاء فخره" بإشراف المعلّم "محمّد فراس غايرلي" في الصّفّ التّاسع من "المدرسة العالميّة الأميركيّة - الإمارات العربيّة المتّحدة" خلال مشاركتها في مسابقة التّعبير الكتابيّ على منصّة "كم كلمة" في العام الدّراسيّ 2023-2022.