٣ طرق للاستفادة من التِّكنولوجيا
في البداية، يجبُ التّمييزُ بينَ التّكنولوجيا وَالتّكنولوجيا الهادِفة. الفرقُ الأوّلُ بسيطٌ تربويًّا، فهيَ تُعتبرُ العصا السّحريّة إذْ يمكنُ إدخالُها إلى الصّفِّ منْ دونِ الحاجةِ إلى تحضيرٍ وَسَتُحَوِّل، بسحرٍ ساحر، العَمليّةَ التَّعليميَّةَ وَالتَّعلُّميّة. تَمامًا كَحُبوبِ الحميةِ الغذائيّةِ الَّتي تَعِدُ بفقدانِ الوزن، فَيُغْرينا التّفكيرُ بأنَّها ستنجح، لكنَّ الأمرَ أبعدُ ما يكونُ عنِ الحَقيقة.
الهدفُ منْ تكنولوجيا التّعليمِ هوَ تطويرُ قدراتِ المعلّمين لا استبدالهم. عليْنا النّظرُ إلى التّكنولوجيا على أَنَّها داعمةٌ للصّفِّ لا على أنَّها المحرِّكُ الأساسيُّ له. وَيقولُ المثلُ الشّهير: "التّكنولوجيا لنْ تَسْتبدلَ المُعَلِّمين، لَكِنَّ المعلّمينَ الَّذينَ يَستعملونَ التّكنولوجيا سيستبدِلونَ أولئكَ الَّذينَ لا يَسْتَعْمِلونَها".
إذًا، كيفَ يمكنُنا الاستفادةُ منَ التّكنولوجيا؟
سأركّزُ على ثلاثةِ عوامل.
بناءُ قُدُراتِ المعلّمين.
يتمُّ استنفادُ قدراتِ المعلّمِ طوالَ اليومِ وَتحميلُهُ مئاتِ المهمّاتِ كالتَّحضيرِ والتَّصحيحِ اللَّذيْنِ يَستغرقانِ وقتًا طويلًا وَيستنفدانِ طاقاتِه. يمكنُ أن تقدّمَ التّكنولوجيا أدواتٍ وَمواردَ يَحتاجُها المعلّمونَ للعملِ بطريقةٍ ذكيّةٍ وَغيرٍ مُجْهِدَة.
رؤيةٌ معمَّقَةٌ في التَّعلُّم.
معَ تطوُّرِ علمِ البياناتِ وَتحليلِه، يمكنُنا الآنَ أخذُ صورةٍ واضحةٍ عنْ عمليّةِ التّعلُّمِ لدى التّلاميذِ ما قدْ يساعدُ المعلّمينَ في الإجابةِ عنْ بعضِ الأسئلة، مَثَلًا: ما الّذي يعرفُهُ تلاميذي عنْ ظهرِ قَلْب؟ ما الأهدافُ التّعليميَّةُ الَّتي حَقَّقوها؟ أَهُمْ مُسْتَعِدّونَ للدَّرْسِ التّالي؟
تُساعدُ البياناتُ المعلّمينَ في اخْتيارِ المواردِ المناسبةِ للأَنْشطةِ بحسبِ احتياجاتِ التّلاميذ. كما أنَّها تساعدُ صانِعي السّياساتِ في تحسينِ وَضْعِ المَناهِجِ وَالاِسْتراتيجيّاتِ الوطنيّةِ للتّعليم.
التّعليمُ المستهدف.
تساعدُ التّكنولوجيا الهادِفَةُ المعلّمينَ في احترامِ الفُروقاتِ الفرديّةِ لَدى التَّلاميذِ وَالإِنْصافِ في التَّعْليم، فَهُما مَبْدآنِ مُهمّانِ للتَّعْليمِ في القَرْنِ الواحِدِ وَالعِشْرينَ لكنَّهما يستغرقانِ وقتًا طويلًا ويصعبُ تنفيذُهما. إلّا أنَّ التّكنولوجيا تسهّلُ عليْنا استعمالَ بياناتِ التّلاميذِ وَإنشاءِ مجموعاتٍ بحسبِ احتياجاتِهِم وَشَخْصَنَةِ عَمليَّةِ التَّعلُّمِ وَالتَّعْليمِ بِشَكْلٍ هادِف.
كما أنَّهُ معَ إمكانيّةِ توفيرِ الوقتِ باستعمالِ التّكنولوجيا، يستطيعُ المعلّمونَ التّركيز، بالدّرجةِ الأولى، على التّلاميذ، وقدْ يتمكّنونَ منَ الاِهْتمامِ بأنفسِهِم وَفِعْلِ ما يَحلو لهمْ في وقتِ فَراغِهِم منْ دونِ الشّعورِ بالذَّنْب.
في النّهاية، أؤْمِنُ إيمانًا راسِخًا بأنَّ التّكنولوجيا يمكنُ أنْ تكونَ فعّالةً في دعمِ التّعليمِ وتحسينِ التّحصيلِ الدّراسيّ، لكنَّ هذا لنْ يحدثَ إلّا عنْدَما يَتَولّى المعلّمونَ والتّلاميذُ إدارةَ تكنولوجيا التّعليمِ وَتصميمَها منْ دونِ أنْ يُطَوِّرَها المهندسونَ في المراكزِ التِّكْنولوجيَّةِ الضّخمةِ في العالم.