LMS، "زوم"، أم منصّات تكنولوجيا التّعليم؟
انتشر الوباء في جميع أنحاء العالم في منتصف العام الدّراسيّ الفائت، وسبّب انتقالًا سريعًا ومفاجئًا من التّعليم التّقليديّ في الصّفوف إلى التّعليم عن بُعد. وفي ذلك الوقت، كانت المدارس قد حدّدت ميزانيّاتها وقامت بصرفها، وبقيت ميزانيّة التّكنولوجيا عالقة. وقد شاعت حولها معلومات مضلِّلة وتصوّرات خاطئة قبل عام 2020.
بعد إقفال المدارس المفاجئ، أصبح التّواجد الفعليّ للأشخاص التّحدّي الأكبر في المؤسّسات التّربويّة، وتغلّب الهلع على الجميع في المدارس، وبخاصّةٍ المعلّمين وأولياء الأمور بسبب الجهود الجبّارة الّتي يجب بذلها ليتمكّن التّلاميذ من المضيّ قدمًا في عمليّة التّعلُّم.
اضطرّت المدارس إلى التّكيّف بشكلٍ سريع، ولكنّ معظمها واجه تحدّياتٍ كثيرة في اختيار الأدوات المناسبة لصرف الميزانيّة الضّيّقة الّتي تمّ تحديدها في هذه الظّروف الاستثنائيّة. وكان أمامها ثلاثة خياراتٍ:
1 - برامج الاتّصال والتّواصل كـ"زوم" و"مايكروسوفت تيمز" - وهي أساسيّة.
2 - أنظمة إدارة التّعليم (LMS) - وكانت معظم المدارس تستعملها مسبقًا.
3 - منصّات تكنولوجيا التّعليم - وهي مجالٌ جديد بالنّسبة إلى المدارس والمعلّمين، وتحديدًا معلّمي اللّغة العربيّة.
وطبعًا، وقع اختيار معظم المدارس على منصّات الاتّصال والتّواصل خوفًا من ضياع العام الدّراسيّ.
وبعد عامٍ، ما زال المعلّمون يعانون! والمدارس على دراية بأنّ طرائق التّعليم التّقليديّة بحاجة إلى تحديث وإعادة النّظر في استراتيجيّات التّعليم. لنغُص قليلًا في خصائص كلّ من الأدوات الّتي ذكرناها أعلاه لنكتشف كيف يمكننا الاستفادة منها لإكمال عمليّة التّعليم عن بُعد بنجاح، وتمكين العنصر الأهمّ فيها: المعلّمين!
أوّلًا، أصبحت برامج الاتّصال والتّواصل ضرورةً واشتركت العديد من المؤسّسات في برامج كـ"زوم" و"جوجل ميت" و"مايكروسوفت تيمز". وفضّلت معظم المدارس صرف ميزانيّتها لخلق فسحةٍ افتراضيّة للتّواصل، لكنّ التّواصل كان جزءًا من المشكلة فقط.
أمّا بالنّسبة إلى أنظمة إدارة التّعليم، فلحسن الحظّ أنّ العديد من المدارس كانت تستعملها من قبل. الأمر الّذي ساعد في توثيق أعمال المعلّمين والتّلاميذ وإدارتها ومتابعتها وتقديم تقارير عنها، فهي توفّر البنية اللّازمة للتّعليم عن بُعد ولكنّها غير كافية لدعم الصّفوف الافتراضيّة.
ولنتمكّن من استكشاف منصّات تكنولوجيا التّعليم، علينا النّظر إلى واقع المجال التّربويّ في منطقة الشّرق الأوسط. فواقعنا في الشّرق الأوسط مختلف لأنّ معظم المناهج غير موجودة بنسخٍ رقميّة، والمعلّمين غير مدرّبين على استعمال التّكنولوجيا بما أنّ ميزانيّات المدارس تُصرف عادةً على أدواتٍ لدعم التّعليم التّقليديّ. تطوف التّكنولوجيا في فلك القطاع التّربويّ منذ وقتٍ طويل، لكنّ المدارس تقاوم اعتمادها خوفًا من أن تستبدل المعلّمين أو القطاع ككلّ. ولكنّ الوباء أثبت لنا عكس هذه الاعتقادات الخاطئة، فقد قدّمت تكنولوجيا التّعليم دعمًا هائلًا للمعلّمين في هذا الوضع الاستثنائيّ. والعديد من هذه المنصّات استدركت الوضع والصّعوبات الماليّة الّتي تواجهها المدارس وفتحت أبواب الاشتراك مجّانًا للمعلّمين والمدارس الّذين كانوا بحاجة إلى الدّعم لإكمال مسيرتهم التّعليميّة. كما قدّمت هذه المنصّات جلساتٍ تدريبيّة حول استعمال أدوات التّكنولوجيا بالإضافة إلى ورشات عمل تدعم تطوّر المعلّمين المهنيّ. لكن، ما الفرق بين منصّات تكنولوجيا التّعليم وبرامج الاتّصال والتّواصل وأنظمة إدارة التّعليم؟
منصّات تكنولوجيا التّعليم شاملة، تدعم عمليّة التّعلُّم والتّعليم مع التّركيز على دور المعلّم الرّئيس في استعمالها لتصبح عمليّة التّعليم تجربةً مُشخصنة وممتعة من خلال تخفيف أعباء تحضير الدّروس والتّصحيح وإنتاج التّقارير حول أداء التّلاميذ، فأدرك المعلّمون أنّ تكنولوجيا المعلومات ضروريّة وأساسيّة لتمكين صفوفهم.
إذًا، برامج الاتّصال والتّواصل أو أنظمة إدارة التّعليم لا تُلغي أهمّيّة غيرها من أدوات التّكنولوجيا، والكثير من المدارس أصبحت على دراية بهذا الأمر وقامت بتعديل أنظمتها بحسب الاحتياجات الملحّة للتّحسين والتّطوير. والحقيقة أنّ منصّات تكنولوجيا التّعليم بالإضافة إلى برامج الاتّصال والتّواصل وأنظمة إدارة التّعليم، والمعلّمين على رأسها، يمهّدون الطّريق لواقع التّربية والتّعليم ومستقبلهما. إذًا، ماذا تنتظرون؟