اللّغة العربيّة بين الأبيض والأسود

 
undraw_explore_7ofa.png
 

عند التّأمّل في واقع اللّغة العربيّة، قد يخطر في بالك فورًا اتّجاهان: الأوّل تشاؤميّ، والثّاني تفاؤليّ. فأيّ الاتّجاهيْن تؤيّد؟

في الحقيقة ليس عليك أن تجيب في الحال، كما أنّه ليس بالضّرورة على إجابتك أن تنحصر في هذين الخياريْن. لماذا؟


إليك مجموعة من الحقائق الّتي ستساعدك في إعادة النّظر في واقع اللّغة العربيّة اليوم، لكن دعنا نتّفق أوّلًا على أهمّيّة هذه اللّغة. 

5 حقائق تؤكّد أهمّيّة اللّغة العربيّة

1 - أكثر من 422 مليون شخص يتحدّثون العربيّة في أنحاء العالم كافّة، فهل برأيك يمكن تجاهل كلّ هؤلاء الأشخاص؟

2 - اللّغة العربيّة هي إحدى اللّغات الرّسميّة السّتّة للأمم المتّحدة.

3 - يبلغ عدد كلمات اللّغة العربيّة 12.302.912 كلمة من دون تكرار. 

4 - العربيّة مصدر رئيس للمفردات في لغات متنوّعة مثل: الإنكليزيّة والفرنسيّة والإسبانيّة والبرتغاليّة والألمانيّة وغيرها.

5 - الحروف العربيّة أضحت حروفًا أساس لكتابة لغات أخرى كاللّغة الفارسيّة.

يقول "ابن خلدون": "إنّ قوّة اللّغة في أمّة ما تعني استمراريّة هذه الأمّة بأخذ دورها بين بقيّة الأمم، لأنّ غلبة اللّغة بغلبة أهلها، ومنزلتها بين اللّغات صورة لمنزلة دولتها بين الأمم".

ما دامت اللّغة العربيّة على هذا القدر من الأهمّيّة، لا بدّ من المحافظة عليها. ولكن هل ذلك سهل؟


undraw_Questions_re_1fy7 (1).png

وما هي التّحدّيات الّتي تواجهها اللّغة العربيّة؟

لا يمكننا هنا الإحاطة بكلّ العقبات الّتي تعترض اللّغة العربيّة، لذا نشير إلى بعضها:

1 - مزاحمة اللّغة الأجنبيّة للّغة العربيّة نتيجة العنصر التّكنولوجيّ، يرافقه تأخّر اللّغة العربيّة عن مواكبة التّطوّرات التّكنولوجيّة مقارنة بغيرها من اللّغات.

2 - سرعة انتشار المفاهيم الحضاريّة الغربيّة يقابله بطء في ترجمتها إلى العربيّة.

3 - تأرجح اللّغة العربيّة بين ثلاثة أقطاب: اللّغة الفصيحة واللّغة العامّيّة واللّغة المهذّبة أي لغة الإعلام. 

4 - تأثير متطلّبات سوق العمل في مناهج التّعليم المتمثِّل باعتماد بعض مناهج التّعليم على اللّغات الأجنبيّة في تعليم الموادّ الدّراسيّة كالرّياضيّات والعلوم. 

بالعودة إلى مقولة "ابن خلدون" الّتي ذكرناها، نلاحظ أنّ حملة شهادة الماجستير والدّكتوراه وأصحاب الكفاءات في مجالات مختلفة يهاجرون إلى أوروبّا وأميركا وكندا، وغالبًا ما يضطّرون إلى تداول لغات البلد الّذي هاجروا إليه للتّكيّف فيه.


كيف يمكن التّصدّي للتّحدّيات الّتي تواجهها اللّغة العربيّة؟ وكيف يمكننا المحافظة على استمراريّتها؟

إنّ التّصدّي لتحدّيات اللّغة العربية لا يقتصر على عرض الحلول فقط، فقد سبقنا إلى ذلك الكثيرون من المعنيّين بها. كما لا يقتصر الأمر على التّفكير من دون قرارات فعليّة، ولا يكمن الحلّ في إلقاء اللّوم على جهة من دون أخرى، لذا نعرض بعض الاقتراحات من باب الإضاءة على المسألة:

1 - تشجيع مبادرات أصحاب القرار ودعمهم في تحديث التّكنولوجيا العربيّة.

2 - التّنسيق بين مراكز التّرجمة المكلّفة بمواكبة المصطلحات الغربيّة المنتشرة إثر التّطوّر التّكنولوجيّ، لتنظيم الجهود وتلافي التّأخير.

3 - جعل القوانين الصّادرة بخصوص إلزاميّة اعتماد اللّغة العربيّة في المناهج التّعليميّة قيد المراقبة والمُحاسبة والتّعميم.

4 - تأهيل معلّمي اللّغة العربيّة لغويًّا ومهنيًّا لتمكينهم من تعليمها بطريقة مُعاصِرة وغرز حبّها والاعتزاز بها في نفوس النّاشئة. 

5 - تكثيف الجهود المبذولة في تعليم اللّغة العربيّة لغير النّاطقين بها من قِبَل أصحاب الاختصاص.

undraw_clean_up_ucm0.png

undraw_connected_world_wuay.png

ما هو مستقبل اللّغة العربيّة؟

1 -  تتوقّع مجموعة من الدّراسات أنّ عدد النّاطقين باللّغة العربيّة في تزايد مستمرّ، ما سيجعلها في المرتبة الثّالثة عالميًّا بحلول العام 2050.

2 - ما دام عدد النّاطقين باللّغة العربيّة يفوق المئة ألف، يعني أنّها بعيدة كلّ البعد عن خطر الانقراض، ذلك لأنّ هذا المعدّل معيار تستند إليه الدّراسات عند النّظر في ما إذا كانت اللّغة آيلة إلى الانقراض.

 لكلّ ناطق بالعربيّة حصّة من المسؤوليّة إزاء واقع هذه اللّغة، لذا من المهمّ أن نبدأ بطرح السّؤال الآتي على أنفسنا: أنحن أعداء لغتنا الأساس أم الظّروف؟

 

أدخِلوا بياناتكم للاشتراك في مدوّنتنا

Dr. Samar Asso

E-Learning Curriculum Specialist

Previous
Previous

LMS، "زوم"، أم منصّات تكنولوجيا التّعليم؟

Next
Next

كيف يمكنكم التّأثير في قرار مدرستكم لاختيار المنصّة المناسبة