الصّحّة النّفسيّة للتّلميذ أوّلًا
"وأنا أيضًا"، من أكثر العبارات الّتي تُشعرنا بالرّاحة. ففي هذه اللّحظة تُدرك أنّك لستَ وحيدًا، بل هناك شخصٌ آخر يشاركك المعاناة نفسها.
لقد كان العام ٢٠٢٠ مُهلِكًا بالنّسبة إلى التّلاميذ الّذين كانوا يُجهِدون أنفسهم للحفاظ على صحّتهم النّفسيّة. فقد احتُجز التّلاميذ في البيوت، ولم تبقَ لديهم فسحةٌ كافيةٌ من الحرّيّة، كما أنّهم انقطعوا عن الحياة الاجتماعيّة، الأمر الّذي أدّى إلى تدنّي نسبة الأنشطة البدنيّة والإبداع لديهم.
هذه القيود ستؤثّر سلبًا في جوانب عديدة من حياة الأولاد وصحّتهم النّفسيّة، ومنها:
1 - مستوى التّركيز والطّاقة: هما أمران متداخلان، فالتّركيز يحتاج إلى الطّاقة، وتنخفض نسبة التّركيز لدى التّلميذ تلقائيًّا لدى تدنّي نسبة الطّاقة.
2 - التّحصيل العلميّ: عدم القدرة على التّركيز تؤدّي إلى تراجع التّلميذ في تحصيله الدّراسيّ (العلامات) لأنّه لم يتبع الإرشادات، ولم يفلح في أعمال المتابعة (الامتحانات). وفي بعض الحالات، قد يترك التّلاميذ المدرسة أو الجامعة. أمّا في أسوأ الحالات، فقد يؤدّي انخفاض التّحصيل العلميّ إلى انخفاض ثقة التّلميذ بنفسه وتطوير نزعة إلى تدمير الذّات.
3 - الوضع الاجتماعيّ والاقتصاديّ: يؤدّي التّحصيل العلميّ دورًا أساسيًّا في تحديد مستوى تعليم التّلميذ وجودته، إذ تؤمّن الشّهادة من مؤسّسة تربويّة مرموقة الحصول على وظيفة مرموقة. والوظيفة المرموقة تؤمّن بدورها وضعًا اجتماعيًّا واقتصاديًّا جيّدًا، وصحّة جسديّة وعقليّة جيّدة بالإجمال.
إليكم ستُّ طرق تمكّنكم من دعم التّلاميذ في الحفاظ على صحّتهم النّفسيّة:
1 - ـ جلسات التّدريب الذّهنيّ: تؤدّي معالجة الإجهاد والوصول إلى الصّحّة النّفسيّة الإيجابيّة والرّفاه العاطفيّ والحفاظ عليهما إلى نتائج جيّدة في كافّة الأصعدة (أكاديميًّا وصحّيًّا وجسديًّا ونفسيًّا…). وحسب منظّمة الصّحّة النّفسيّة في المملكة المتّحدة، يساعد التّدريب الذّهنيّ في التّركيز على الوقت الرّاهن، وهذا الأمر يخفّف الإجهاد.
2 - النّشاط البدنيّ: حسب منظّمة الصّحّة العالميّة، يجب على الأولاد الّذين تترواح أعمارهم بين ٥ و١٧ عامًا أن يقوموا بأنشطة بدنيّة، معتدلةٍ إلى قويّة، لمدّة ٦٠ دقيقة على الأقلّ لتقوية العضلات والعظام.
لذا، شجّعوا التّلاميذ على الحركة، خذوا استراحاتٍ معهم خلال الصّفوف وشغّلوا الموسيقى لتقفزوا وترقصوا معهم على ألحانها.
3 - المطالعة: تطلق العنان لمخيّلة الفرد. فتطبيق "اليوتيوب" مليء بفيديوهات لقراءة الكتب، لذا يمكنكم التّخطيط لجلسةٍ تقرأون خلالها نصًّا من كتابٍ ما، وتدعون التّلاميذ ليغيّروا نهاية القصّة أو أحداثها.
4 - نظام غذائيّ صحّيّ: من المهمّ تذكير التّلاميذ أنّ الطّعام الّذي يتناولونه يؤثّر في تركيزهم وطاقتهم. فحاولوا أن تدعوا خبيرًا في الصّحّة إلى الصّفّ ليعطيَ تلاميذكم بعض النّصائح حول الأكل الصّحّيّ.
5 - الاجتماعات الثّنائيّة: يحتاج التّلاميذ إلى التّعبير عن مخاوفهم وقلقهم. تواصلوا معهم، أمّنوا لهم الوقت اللّازم ليتمكّنوا من الحديث. كما يمكنكم الاستفادة من دوام العمل والاجتماعات للتّواصل مع الآخرين والاختلاط بهم.
6 - المرشد التّربويّ: يمكنكم دعوة المرشد التّربويّ لحضور الصّفّ إن كان متوفّرًا في مؤسّستكم، ليراقب وجود أيّ أعلام حمراء ويقيّمها. لا تتردّدوا في إحالة أيّ تلميذ إلى المرشد عند الحاجة.
تمثّل الصّحّة النّفسيّة دورًا مهمًّا في حياتنا. فمن المهمّ أن نعلّم أولادنا وتلاميذنا الحفاظ على رفاهيّتهم ليصبحوا أفرادًا متوازنين ومتعاطفين وقادرين على تخطّي الصّعوبات، وليتمكّنوا من تربية أولادهم على هذه الأسس أيضًا.