الكَنْدورَة
أُمورٌ كَثيرَةٌ تُثيرُ الِاهْتِمامَ في ثَقافَةِ الإِماراتِ العَرَبيَّةِ المُتَّحِدَة، فَهيَ مُتَنَوِّعَةٌ للغايَةِ وَتَشْمَلُ المَلابِسَ وَالطَّعامَ وَالِاحْتِفالَ التَّقْليديَّ وَغَيْرَها. وَاليَوْمَ سَنَتَطَرَّقُ إِلى مَوْضوعِ الكَنْدورَة. فَما هيَ الكَنْدورَة؟ وَكَيْفَ نَشَأَتْ؟ وَما أَهَمّيَّتُها؟
الكَنْدورَةُ نَوْعٌ مِنَ المَلابِسِ الإِماراتيَّةِ الَّتي يَرْتَديها الرِّجال، وَمَكانَتُها عاليَةٌ لَدى المواطِنين. وَهيَ عِبارَةٌ عَنْ رِداءٍ طَويلٍ يُغَطّي الجِسْمَ حَتّى أَخْمَصِ القَدَمَيْن، وَتُلْبَسُ مَعَهُ الغُتْرَةُ الَّتي توضَعُ عَلى الرَّأْسِ، وَهيَ تُشْبِهُ الوِشاحَ وَلَها قِطْعَةُ رَأْسٍ دائِريَّة. وَالكَنْدورَةُ مُناسِبَةٌ وَمُريحَةٌ لِكُلِّ الأَماكِنِ وَالأَوْقاتِ مِثْلَ العَمَلِ وَالنُّزُهاتِ وَالمُناسَباتِ الرَّسْميَّة…
كانَتِ الكَنْدورَةُ مُخْتَلِفَةً في نَشْأَتِها، ثُمَّ تَطَوَّرَتْ مَعَ الأَيّامِ حَتّى وَصَلَتْ إِلى ما هيَ عَلَيْهِ اليَوْم. فَقَدْ نَشَأَتْ بِدايَةً في العِشْرينيّاتِ مَعَ سُتْراتٍ عُلْويَّةٍ توضَعُ عَلَيْها، وَفي أَواخِرِ الخَمْسينيّاتِ وَأَوائِلِ السِّتّينيّاتِ ازْدادَتْ شَعْبيَّةُ الخَيّاطين، الأَمْرُ الَّذي أَدّى إِلى ظُهورِ أَساليبَ جَديدَةٍ وَمَجْموعاتٍ مُتَنَوِّعَةٍ فيها. وَبِحُلولِ السَّبْعينيّاتِ وَالثَّمانينيّات، اِشْتَهَرَتِ الأَقْمِشَةُ الَّتي تَجْمَعُ بَيْنَ أَنْواعِ القُطْنِ المُخْتَلِفَةِ وَكانَتْ تُسْتَعْمَلُ عَلى نِطاقٍ واسِع. أَمّا في التِّسْعينيّات، فَقَدْ ظَهَرَتِ الكَنْدورَةُ للمَرَّةِ الأولى كَما نَعْرِفُها اليَوْم؛ فَفيها نَجِدُ الأَزْرارَ الدّائِريَّةَ وَالأَلْوانَ الشّائِعَةَ المُخْتَلِفَةَ مِثْلَ البُنّيِّ وَالأَزْرَقِ وَالأَبْيَض، بِحَيْثُ أَصْبَحَتْ أَكْثَرَ سَلاسَةً وَبَساطَةً مَعَ وُجودِ خُطوطٍ أَقَلَّ وَتَصْميمٍ عامٍّ عَلَيْها.
وَللحُصولِ عَلى هَذِهِ الكَنْدورَة، يَسْتَغْرِقُ ذَلِكَ وَقْتًا طَويلًا؛ إِذْ إِنَّ كُلَّ واحِدَةٍ تَكونُ مُصَمَّمَةً بِشَكْلٍ خاصٍّ لِكُلِّ شَخْصٍ بِهَدَفِ ضَمانِ القياساتِ وَمُلاءَمَتِها بِشَكْلٍ جَيِّد، فَيَخْتارُ بِنَفْسِهِ المَوادَّ وَالقُماشَ وَاللَّوْنَ وَالأُسْلوبَ حَسَبَ الطَّلَب. كَما أَنَّ هَيْكَلَ الكَنْدورَةِ وَقُماشَها يُصَمَّمانِ بِشَكْلٍ عامٍّ لِتَحَمُّلِ الحَرارَةِ حَسَبَ اخْتِلافِ الطَّقْس؛ فَعَلى سَبيلِ المِثال، يَرْتَدي الإِماراتيّونَ خِلالَ الأَشْهُرِ البارِدَةِ الكَنْدورَةَ ذاتَ القُماشِ السَّميك، في حينِ أَنَّهُمْ يَرْتَدونَ ذاتَ القُماشِ الرَّقيقِ في الأَشْهُرِ الأَكْثَرِ حَرارَة. وَهَذا الأَمْرُ يَدُلُّ عَلى أَنَّ الكَنْدورَةَ مَلابِسُ مَرِنَةٌ للغايَةِ وَتَتَناسَبُ مَعَ المَواقِفِ وَالأَوْقاتِ المُخْتَلِفَة.
وَبِغَضِّ النَّظَرِ عَنْ تاريخِ الإِماراتِ وَفَخْرِها بِلِباسِها، إِلّا أَنَّ المواطِنينَ لا يَتَفاخَرونَ بِمَلابِسِهِمْ خارِجَ البَلَدِ احْتِرامًا لِثَقافَةِ الآخَرينَ، بَلْ يَرْتَدونَ المَلابِسَ الأوروبّيَّةَ أَحْيانًا؛ وَهَذا يَعْني أَنَّهُمْ مَرِنونَ في مَوْضوعِ المَلابِس، لَكِنَّهُمْ يَرْغَبونَ طَبْعًا في العَوْدَةِ إِلى مَلابِسِهِمِ التَّقْليديَّةِ داخِلَ المَنْزِل.
وَفي النِّهايَة، إِنَّ اللِّباسَ الوَطَنيَّ الإِماراتيَّ يُشَكِّلُ جُزْءًا كَبيرًا مِنَ الثَّقافَة. وَنَأْمُلُ أَنْ يَبْدَأَ النّاسُ مِنَ البُلْدانِ الأُخْرى بِالعُثورِ عَلى مَزايا هَذِهِ المَلابِسِ وَتَقْديرِها. فَهَلْ أَنْتُمْ مُهْتَمّونَ بِمَعْرِفَةِ المَزيدِ عَنِ الكَنْدورَةِ وَغَيْرِها مِنَ الأَلْبِسَةِ الإِماراتيَّة؟
هذا النّصّ من تأليف التّلميذ "عبدالله علي الدّبّوس" بإشراف المعلّم "محمّد فراس غايرلي" في الصّفّ العاشر من "المدرسة الأميركيّة العالميّة - الإمارات العربيّة المتّحدة" خلال مشاركته في مسابقة التّعبير الكتابيّ على منصّة "كم كلمة" في العام الدّراسيّ 2023-2022.