مُغامرةٌ في عُقولِ الأَصْدِقاء: بينَ الذّكاءِ والفكاهة

 
 
 
 

في يومٍ مشمس، اِجتمعَ الأصدقاءُ الثّلاثُ "رامي" وَ"وليدٌ" وَ"سامي" في منزلِ "رامي" الكبير. كانَ "رامي" شابًّا في الخامسةَ عشرَ منْ عمرِه، وَهوَ معروفٌ بِذكائِهِ وَشغفِهِ بِالتّجاربِ العلميّة. وَكانَ دائمَ السّعي لاكتشافِ أمورٍ جديدة. بينَما "وليد"، الَّذي كانَ يعيشُ معَ جدّتِهِ وَأهلِه، كانَ يُحبُّ قضاءَ وقتِهِ معَ "رامي" لأنَّهُ يسكنُ بِجوارِه. أَمّا "سامي"، الَّذي يعيشُ بَعيدًا قَليلًا عنْهُمْ معَ عائلتِه، فَقدْ كانَ دائمَ الِانبهارِ بِأفكارِ "رامي" المبتكرةِ وَيستمتعُ بِمشاهدتِهِ وَهوَ يعملُ عَلى اختراعاتِه.


وَذاتَ يوم، قرّرَ الأصدقاءُ زيارةَ معرضِ العلومِ في مَدينتِهِم، حيثُ عُرضَتِ اختراعاتٌ متنوّعة، لكنَّ بعضَها كانَ قديمًا وَفشلَ في تحقيقِ غاياتِه. وَبينَما كانوا يتجوّلونَ في المعرضِ وَيتحدّثونَ بِحماسةٍ عنْ أفكارِ "رامي" العلميّةِ المختلفة، توقَّفَتْ عَيْنا "وليدٍ" عندَ جهازٍ غريبٍ يُشبهُ غرفةً صغيرةً مُحاطةً بِمقاعد، معَ لافتةٍ كُتِبَ عليْها: "اِنتبِهْ: آلةُ تبادلِ العُقول". فَقرّروا استكشافَهُ عنْ قُرب. وَكونُ "رامي" هو الأكثرَ خبرةً في التّجاربِ العِلْميَّة، حذّرَ أصدقاءَهُ قائِلًا: "عليْنا أنْ نكونَ حَذِرينَ وَنتأكّدَ منْ قراءةِ التّعليماتِ أوّلًا، لنتجنَّبَ حدوثَ أيِّ خطأ.


عندَها قرّرَ "رامي" وَ"سامي" الدّخولَ إِلى الغرفةِ بِنظراتٍ مِلؤُها الفُضول. أَمّا "وليدٌ" فَكانَ عَلى وشكِ المُزاحِ بالضّغطِ عَلى الأزرارِ عَشوائيًّا، لكنَّ "سامي" تدخّلَ قائِلًا: "لا، يا "وليد"، قدْ يكونُ هذا خَطيرًا. الأفضلُ أنْ نتبعَ التّعليمات." فَوافقَ "وليد"، وَبَدَلًا منَ الفوضى، قرّرَ الأصدقاءُ قراءةَ التّعليماتِ وَتجربةَ الآلةِ بِحذر. وَفجأةً دوّى صوتُ انفجارٍ كبير، ممّا جعلَ "رامي" وَ"سامي" يَصرخانِ منَ الخوف، بينَما كانَ "وليدٌ" يُقَهْقِهُ ضاحِكًا منَ الخارج. وَعندَما خرجا منَ الغرفة، كانَتِ المُفاجأة! إِذْ أَدْرَكا أنَّ صوتَيْهِما كانا مُختلفَيْن، فَنَظرا إِلى بعضِهِما بِدهشة. وَعندَما نَظرا إِلى انْعكاسِهِما في المرآة، تفاجآ أنَّ عقلَيْهِما قدْ تبدّلا وَ"وليد" كذلك. فَـ"رامي" وجدَ نفسَهُ في جسمِ "سامي"، وَ"سامي" في جسمِ "وليد"، وَ"وليدٌ" في جسمِ "رامي". كانَتْ تلكَ اللّحظةُ مليئةً بِالدّهشةِ وَالِارتباك، لكنْ بدلًا منَ الشّعورِ بالذُّعر، قَرَّروا استغلالَ هذا الوضعِ الغريبِ بِطريقةٍ مَرِحَة. فَبدأَ "رامي" يتحدّثُ بِطريقةٍ مُبالغةٍ تُشبهُ طريقةَ "سامي" وَأسلوبَهُ في الحديث، ممّا جعلَ الجميعَ يَضحكونَ بِشدّة. بينَما بدأَ "وليدٌ" يسخرُ منْ ذكاءِ "رامي" مُحاولًا تقليدَهُ بِتهكُّم، فَملأَ المكانَ بِروحِ الفكاهةِ والضّحك. أمّا "سامي" فقدْ حاولَ تقليدَ حركاتِ "وليدٍ" الغريبةِ وَتصرُّفاتِهِ العفويّة، ممّا أضفى جوًّا منَ المرحِ والضّحكِ المُتواصِل.



وَبِالرُّغمِ منَ الأوقاتِ المُضحكة، أدركَ الأصدقاءُ أنَّهُمْ لا يُمكنُهُمُ البقاءَ عَلى هذهِ الحالِ إلى الأبد. لِذا قرَّروا البحثَ عنْ حلٍّ لإعادةِ الأمورِ إِلى نِصابِها، وَبعدَ مواقفَ كوميديّةٍ عَديدةٍ وجدوا كتابَ التّعليماتِ بِجوارِ الآلة. وَبدلًا منَ الضّغطِ العشوائيِّ عَلى الأَزرار، قرّروا اتّباعَ التّعليماتِ بِحذَر. وَبفضلِ اتّخاذِهِمْ قرارًا مَسؤولًا، تمكَّنوا منْ تبادُلِ العُقولِ لِفترةٍ قَصيرَة، قبلَ أنْ يُعيدوا الأُمورَ إِلى نِصابِها بِاستعمالِ التّعليماتِ الصّحيحة.



وَأخيرًا، عادَتْ عقولُهُمْ إِلى أَجْسامِهِم، فَضَحِكوا ضحكًا هِسْتيريًّا وَتبادَلوا النّكاتَ وَالمزاح. ثمَّ أدركوا أنَّهم، بِالرُّغمِ منَ التّجربةِ الغريبةِ والمُرهِقَة، قدْ تعلَّموا أنّ الاستمتاعَ بِالمُغامراتِ لا يتعارضُ معَ التّصرّفِ بِحكمةٍ وَمسؤوليّة، وَأنَّ للفكاهةِ والضّحكِ قيمةً في تخفيفِ التّوتُّرِ وَمواجهةِ تَحدّياتِ الحَياة، وَجعلِ الصّداقةِ الحقيقيّة، الَّتي تزدهرُ بِالمواقفِ المليئةِ بِالمرحِ والِابتسامة، أكثرَ مُتْعَة.


هذا النّصّ من تأليف التّلميذ 
"عبد الرّحمن جارديني" بإشراف المعلّم
 "أيمن حاج حمدان " في الصّفّ العاشر  أساسيّ من "المدرسة الدّوليّة الخاصّة - جدّة" خلال مشاركته في مسابقة التّعبير الكتابيّ على منصّة "كم كلمة" في العام الدّراسيّ 2023-2024.






Next
Next

العَقْلُ البَديلُ