أغاني عربيّة تُحيي أفضل ما كُتب من القصائد

 
undraw_compose_music_ovo2.png
 

"أحنّ إلى خبز أمّي،

وقهوة أمّي،

ولمسة أمّي…"


كلمات خطّها الشّاعر "محمود درويش" في ستّينات القرن الماضي، وهي لا تزال حتّى اليوم محفوظة في واحدة من الأغاني الأكثر شهرة في العالم العربيّ. فالأغاني الأكثر نجاحًا هي تلك المكوّنة من مضمون جيّد ولحن جيّد، بل إنّ القصيدة الجيّدة مفتاح نجاح الأغنية. فمن منّا لا يعرف قصائد "نزار قبّاني"، نتيجة سماعها بأشكال غنائيّة متنوّعة؟

لقد غنّى كبار الفنّانين قصائد "نزار قبّاني"، بمن فيهم "أمّ كلثوم"، و"عبد الحليم حافظ"، و"نجاة الصّغيرة"، و"فايزة أحمد". ومن الفنّانين المعاصرين، غنّت له أيضًا "ماجدة الرّومي" و"إلهام المدفعي" و"كاظم السّاهر" و"طلال مدّاح" و"أصالة" وغيرهم. وفي ذلك مثال على أنّ الشّعر المميّز يجد دائمًا ريادًا له!

ومن أبرز القصائد الّتي تمّ غناؤها، قصيدة "حافية القدمين" ومطلعها:

"هل عندكِ شكٌّ أنّك أحلى امرأةٍ في الدّنيا؟...

وأهمّ امرأةٍ في الدّنيا؟...

هل عندك شكٌّ أنّي حين عثرت عليك…

ملكت مفاتيح الدّنيا؟"

 
 

بالطّبع إنّ تلحين القصيدة وإضافة الإيقاع والموسيقى إليها يجعلانها مسموعة أكثر. ولذلك نجد أنّ هناك فلكلورًا غنائيًّا في أكثر الحضارات، وهذه الأغاني الفلكلوريّة تختصر تاريخًا شفويًّا وجماعيًّا لشعب ما وحضارة ما.

ففي دول الخليج، يُعدّ الغناء البحريّ أو النّهمة جزءًا من التّراث، وهذا النّوع يعكس وجود الرّحلات البحريّة لصيد اللّؤلؤ في دول الخليج. يقول مثل روسيّ: "المحادثة تقصّر الطّريق، الغناء يقصّر العمل". وفي فنّ النّهمة تطبيق عمليّ لهذا المثل!

ومن الفلكلور الغنائيّ في دول الخليج، العرضة والرّزيف والحداء والسّامريّ وغيرها. ومن قصائد السّامريّ المعروفة:

"يا جرّ قلبي لدن الغصوني،

وغصون سدرٍ جَرَّهَا السّيل جرّا،

على الّذي مَشيه تخطٍّ بهوني،

والعصر من بين الفريقين مَرّا…".

 
 

وفي بلاد الشّام نجد الميجانا والعتابا والزّجل والعراضات والدّبكة. ومن أشهر ما غنّته "فيروز" من الفلكلور اللّبنانيّ:

"يا غزيّل يا بو الهيبة،

يا قوي يا معذّبه،

يامّ القامة الممشوقة،

تشبه غزلان الرّبى".

 
 

ومن الأغاني الفلكلوريّة المصريّة الشّهيرة على اتّساع العالم العربيّ، أغنية "سيّد درويش":

"سالمة يا سلامة،

رحنا وجينا بالسّلامة".

 
 

وكذلك الحال لأغنية "فوق النا خلّ" الّتي تندرج ضمن الفلكلور العراقيّ، ويذيع صيتها لكثر ما تمّ أداءها:

"فوق النا خلّ فوق،

يابا فوق النا خلّ فوق،

مدري لمع خدّه،

يابا مدري القمر فوق…".

 
 

وإذا ما تعمّقنا أكثر في فنّ الغناء، نجد الموشّحات والمواويل وعشرات الأنواع الغنائيّة الّتي من قوامها الأبيات الجيّدة. ومن أكثر هذه الموشّحات شهرة "لمّا بدا يتثنّى"، الّذي يعود بحسب بعض المؤرّخين إلى العام ١٣٠٠ ميلاديًّا، وكلماته:

"لمّا بدا يتثنّى،

حبّي جماله فتنّا،

أمر ما بلحظة أسرنا،

غصنٌ ثنى حين مال،

وعدي ويا حيرتي،

من لي رحيم شكوتي،

في الحبِّ من لوعتي،

إلّا مليك الجمال".

 
 

أمّا المواويل فهي تغنّى بلا لحن، ويكون هامش الارتجال فيها للمؤدّي، ومن أعرقها موّال "اللّؤلؤ المنضود" الّذي أدّاه الفنّان "صباح فخري"، ومطلعه:

"اللّؤلؤ المنضود،

في فمك الجميل،

فيه السّعادة للشّقيّ وللعليل…".

 
 

ختامًا، إنّ الإرث الشّعريّ والغنائيّ في العالم العربيّ غنيّ جدًّا، وقوامه ليس اللّحن الجميل الّذي يرسخ في الأذهان ونرنّمه فحسب، بل كذلك الشّعر المُحكم الكلمات. فنحن لا نمارس الغناء فعلًا إلّا إذا أتقنّا الكلمات، وكان لمعناها صدًى على أدائنا وحضورنا!

 

أدخِلوا بياناتكم للاشتراك في مدوّنتنا

Bayan Itani

Creative Engagement Specialist

Previous
Previous

من خيبة أمل إلى بصيص أمل

Next
Next

نصائح جوهريّة في الكتابة الشّعريّة