اِحْذَرْ أَفْعالَكَ!

 
 
 
 

يُحْكى أنَّ "أَرْنوبَةَ" نَشيطَةٌ وَماهِرَةٌ في العَديدِ مِنَ الأُمور، كانَتْ تَعيشُ في الحُقولِ الفَسيحَةِ الخَضْراء، وَتَحوكُ أَجْمَلَ السُّتْراتِ للصِّغارِ لِتَدْفِئَتِهِمْ في الشِّتاء، وَتَصْنَعُ كَعْكَ الجَزَرِ اللَّذيذَ في المَزْرَعَة، بِالإِضافَةِ إِلى ذَلِكَ كانَتْ تَرْوي أَجْمَلَ الحِكاياتِ في العالَم.

وَطَبْعًا لَمْ تَكْتَفِ بِذَلِك، فَقَدْ كانَتْ تَسْتَيْقِظُ في الصَّباحِ الباكِرِ لِتَعْتَنيَ بِالمَزْرَعَةِ وَنَظافَتِها، وَتُساعِدُها في ذَلِكَ ابْنَتُها "رورو" الجَميلَةُ ذاتُ الشَّعْرِ الذَّهَبيِّ الرّائِع، بَيْنَما تُفَضِّلُ ابْنَتُها "بوبو" ذاتُ الشَّعْرِ البُنّيِّ الدّاكِنِ النَّوْمَ وَاللَّعِب.

ذاتَ يَوْم، بَيْنَما كانَتْ "أَرْنوبَةُ" وَابْنَتُها "رورو" مُنْهَمِكَتَيْنِ في حَرْثِ أَرْضِ المَزْرَعَةِ وَتَسْميدِها، اِسْتَلْقَتْ "بوبو" تَحْتَ ظِلِّ شَجَرَةٍ تَنْظُرُ إِلَيْهِما. فَجْأة، سَمِعَتْ صَوْتَ شَجَرَةٍ تَهْمِس: "بارَكَ اللهُ في "أَرْنوبَةَ" وَابْنَتِها، فَهُما تَعْتَنيانِ بِنا وَلَوْلاهُما لَهاجَمَتْنا الحَشَراتُ وَالأَشْواك". فَرَدَّتْ عَلَيْها الشَّجَرَةُ المُجاوِرَةُ هامِسَة: "صَدَقْتِ يا عَزيزَتي".

هُنا، دَبَّتْ نارُ الغَيْرَةِ في قَلْبِ "بوبو" فَنَهَضَتْ وَهيَ تُفَكِّرُ كَيْفَ لَها أَنْ تَتَفَوَّقَ عَلى أُخْتِها وَتَسْتَحْوِذَ عَلى الإِعْجابِ بَدَلًا مِنْها. 

وَفي صَباحِ اليَوْمِ التّالي، سَمِعَتْ "أَرْنوبَةُ" عَنْ مُسابَقَةِ أَجْمَلِ سُتْرَة، وَقالَتْ لابْنَتَيْها: "سَأَحوكُ أَجْمَلَ سُتْرَتَيْنِ لَكُما". فَرَدَّتْ "بوبو": "سَأَقومُ بِالمُسْتَحيلِ لأَفوز". ثُمَّ جَمَعَتْ "أَرْنوبَةُ" أَجْوَدَ خُيوطِ الصّوفِ واخْتارَتْ أَبْهى الأَلْوانِ وَأَجْمَلَها لِتَبْدوَ سُتْرَتا ابْنَتَيْها أَجْمَلَ السُّتْرات.

اِسْتَغْرَقَتْ حياكَةُ السُّتْرَتَيْنِ أُسْبوعًا كامِلًا قَضَتْهُ "أَرْنوبَةُ" في العَمَلِ الدَّؤوبِ لَيْلًا نَهارًا، فَكانَتْ تَغْفو سوَيْعاتٍ قَليلَةً وَتَعْمَلُ ساعاتٍ طَويلَةً إِلى أَن أَنْهَتْ حياكَتَهُما في صَباحِ يَوْمِ المُسابَقَة.

اِنْبَهَرَتِ الأُخْتانِ بِجَمالِ السُّتْرَتَيْنِ وَتَناسُقِ أَلْوانِهِما، لَكِنَّ "بوبو" كانَتْ تَضْمُرُ الشَّرَّ لأُخْتِها إِذْ أَخْفَتْ مِقَصًّا خَلْفَها لِتَقُصَّ سُتْرَتَها، إِلّا أَنَّ دُخولَ أُمِّها المُفاجِئَ إِلى الغُرْفَةِ أَرْبَكَها فَقَصَّتْ سُتْرَتَها بَدَلًا مِنْ سُتْرَةِ أُخْتِها.

تَفاجَأَتْ "أَرْنوبَةُ" بِما رَأَتْهُ وَحَزِنَتْ كَثيرًا لأَنَّ ابْنَتَها لَمْ تُقَدِّرْ سَهَرَها. أَمّا "بوبو" فَبَكَتْ نَدَمًا عَلى فَعْلَتِها الشَّنيعَةِ وَذَهَبَتْ إِلى أُمِّها مُتَأَسِّفَةً وَنادِمَةً وَوَعَدَتْها أَلّا تُعيدَ الكَرَّةَ وَأَنْ تُحِبَّ لِأُخْتِها ما تُحِبُّهُ لِنَفْسِها، فاحْتَضَنَتْها "أَرْنوبَةُ" وَهَدَّأَتْ مِنْ رَوْعِها قائِلَة: "المُهِمُّ ألّا تُكَرِّري ذَلِكَ عَزيزَتي، فَمَنْ حَفَرَ حُفْرَةً لِأَخيهِ وَقَعَ فيها".

أَخيرًا، اِحْتَفَلَتِ الأُسْرَةُ الصَّغيرَةُ بِفَوْزِ "رورو" في مُسابَقَةِ أَجْمَلِ سُتْرَة، وَأَعَدَّتْ "أَرْنوبَةُ" بِمُساعَدَةِ "بوبو" الكَعْكَ الشَّهِيَّ احْتِفالًا بِهَذِهِ المُناسَبَة.

هذا النّصّ من تأليف التّلميذ "حمد عوّاد النّعيمي" بإشراف المعلّمة "وداد الشّعلان" في الصّفّ الرّابع أساسيّ من "مدارس الظّفرة الخاصّة/ العين/ الإمارات العربيّة المتّحدة" خلال مشاركته في مسابقة التّعبير الكتابيّ على منصّة "كم كلمة" في العام الدّراسيّ 2019-2020.


Previous
Previous

الأَسَدُ العادِلُ والعِصابَةُ الفاسِدة

Next
Next

زَمْجَرَةُ الأُسودِ