خُطَّةٌ ماكِرَةٌ تَقْلِبُ المَوازينَ
يُحْكى أَنَّ الأَسَدَ مَلِكَ الغابَةِ المَليئَةِ بِالأَشْجارِ الخَضْراءِ وَالحَيَواناتِ المُخْتَلِفَةِ يُحِبُّ المُسابَقاتِ كَثيرًا. فَأَعْلَنَ مُسابَقَةً للْجَرْيِ السَّريعِ وَأَخْبَرَ كُلَّ الحَيَواناتِ أَنَّ الجائِزَةَ الكَبيرَةَ للفائِزِ هيَ مَنْصِبُ وَزيرٍ مُساعِدٍ للأَسَد.
بَعْدَ يَوْمَيْن، عَلِمَ الثَّعْلَبُ المَكّارُ بِمَوْضوعِ المُسابَقَة، وَأَرادَ أَنْ يَحْظى بِالمَنْصِبِ المَوْعود، فَراحَ يَبْحَثُ وَيُنَقِّبُ مُطَوَّلًا في أَسْماءِ الحَيَواناتِ الَّتي قَدَّمَتْ طَلَبَ اشْتِراكٍ في المُسابَقَة، ثُمَّ اطْمَأَنَّ وَقالَ في نَفْسِهِ بِكُلِّ غُرور: "أَنا الأَسْرَعُ بَيْنَهُم، وَالفَوْزُ لي حَتْمًا".
وَفي اليَوْمِ التّالي، عَرَفَ الثَّعْلَبُ أَنَّ الأَرْنَبَ سيُشارِكُ في المُسابَقَة، وَقَلِقَ لِسُرْعَتِهِ الكَبيرَة، فَبَدَأَ يُفَكِّرُ في فَخٍّ ليَقْضيَ عَلَيْه.
وَفي اليَوْمِ التّالي، تَذَكَّرَ البومَة، ذاتَ العَيْنَيْنِ الكَبيرَتَيْن، الَّتي تَعْلَمُ مَكانَ "عُشْبَةِ النَّوْمِ" إِذْ خَطَرَتْ في بالِهِ فِكْرَةُ تَنْويمِ الأَرْنَبِ قَبْلَ السِّباق، فَقَصَدَها مُسْرِعًا لِتُساعِدَهُ في خُطَّتِهِ الماكِرَة. وَعِنْدَما وَصَلَ سَأَلَها: "أَيَّتُها البومَةُ الحَكيمة، أَيُمْكِنُكِ إِرْشادي إِلى مَكانِ "عُشْبَةِ النَّوْم"؟ فَأَنا لَمْ أَنَمْ مُنْذُ أَيّامٍ عَديدَة، وَأَحْتاجُها لأَنامَ وَأَرْتاحَ قَبْلَ السِّباق".
فَأَجابَتِ البومَة: "يَكْثُرُ وُجودُها في شَمالِ الغابَةِ قُرْبَ نَهْرِ العَجائِب".
فَشَكَرَها الثَّعْلَبُ وَذَهَبَ مُسْرِعًا إِلى النَّهْر. وَفَوْرَ وُصولِهِ راحَ يَقْطَعُ العُشْبَ بِأَنْيابِهِ وَيَجْمَعُ مِنْهُ الكَثيرَ ليَضْمَنَ نَجاحَ خُطَّتِه، فَعادَ إِلى بَيْتِهِ وَشَرَعَ يُعِدُّ طَبَقَيْنِ مِنَ الخُضارِ حَيْثُ وَضَعَ في أَحَدِهِما العُشْبَةَ المُنَوِّمَةَ وَمَزَجَها بِالخُضار.
في تِلْكَ الأَثْناء، دُقَّ البابُ فَخَبَّأَ الطَّبَقَيْنِ في مَخْزَنِهِ وَذَهَبَ ليَفْتَحَ الباب، وَإِذا بِالبومَةِ تَسْأَلُهُ إِنْ عَثَرَ عَلى العُشْبَةِ لِتَطْمَئِنَّ فَقالَ لَها: "شُكْرًا جَزيلًا لَكِ، لَقَدْ وَجَدْتُها وَسَأُعِدُّها لأَنامَ وَأرْتاحَ قبْلَ الصَّباح، عَنْ إِذْنِك".
أَغْلَقَ البابَ وَدَخَلَ مُرَدِّدًا بِفَرَح: "أَنا الثَّعْلَبُ السَّريعُ وَالأَرْنَبُ هوَ البَطيءُ بَعْدَ تَناوُلِهِ طَبَقَ الخُضارِ اللَّذيذ!"، ثُمَّ ابْتَسَمَ ابْتِسامَةً خَبيثَةً فَسَمِعَهُ الأَسَدُ وَهوَ يَجولُ في الغابَةِ لَيْلًا ليَحْرُسَها.
وَفي صَباحِ اليَوْمِ التّالي، يَوْمِ السِّباق، ذَهَبَ الثَّعْلَبُ إِلى بَيْتِ الأَرْنَبِ وَدَعاهُ لِتَناوُلِ الفَطورِ مَعَهُ في بَيْتِه، فَلَبّى الأَرْنَبُ الدَّعْوَةَ وَشَكَرَهُ ثُمَّ ذَهَبَ مَعَه. عِنْدَ وُصولِهِما، وَضَعَ الثَّعْلَبُ طَبَقَيِ الخُضارِ عَلى الطّاوِلَةِ وَأَنْهَيا فَطورَهُما بِسُرْعَةٍ وانْطَلَقا إِلى السِّباق.
وَقَفَتْ كُلُّ الحَيَواناتِ مَكانَها وَتَحَضَّرَتْ للسِّباق، وَحينَ أَطْلَقَ الأَسَدُ زَئيرَهُ مُعْلِنًا بِدايَةَ السِّباقِ تَقَدَّمَتِ الحَيَواناتُ بِحَماسَةٍ إِلى مَسارِ السِّباق، وَكانَ الأَرْنَبُ الأَنْشَطَ وَالأَسْرَعَ فَوَصَلَ إِلى خَطِّ النِّهايَةِ إِلّا أَنَّ الكُّلَّ ضَحِكَ مِنَ الثَّعْلَبِ المَكّارِ الَّذي غَطَّ في نَوْمٍ عَميقٍ بَعْدَ تَقَدُّمِهِ بِضْعَةَ خَطَواتٍ مِنْ خَطِّ البِدايَة.
عِنْدَها، عَرَفَ الأَسَدُ أَنَّ الثَّعْلَبَ حَضَّرَ مَكيدَةً للأَرْنَبِ لَكِنَّهُ وَقَعَ فيها، وَهَذِهِ المَكيدَةُ هيَ سِرُّ غِنائِهِ وَفَرَحِهِ في اللَّيْلَةِ السّابِقَة.
أَخيرًا، اِحْتَلَّ الأَرْنَبُ مَنْصِبَ الوَزير، وَعِنْدَما عَلِمَ أَنَّ الثَّعْلَبَ كادَ لَهُ كَيْدًا أَخَذَ يُنْشِد:
"قَدْ كادَني فَصارَ ما يَكيدُهُ بِضِدِّ ما يُريدُهُ فارْتَدَّ لَهْ
قَدْ رامَ طَعْمَ الشَّهْدِ في مَكيدِهِ فَخانَهُ وَذاقَ طَعْمَ الحَنْظَلَهْ".
هذا النّصّ من تأليف التّلميذ "أبو بكر العبيدي" بإشراف المعلّم "ماهر منصور" في الصّفّ الرّابع أساسيّ من "مدرسة الأكاديميّة العربيّة الدّوليّة/قطر" خلال مشاركته في مسابقة التّعبير الكتابيّ على منصّة "كم كلمة" في العام الدّراسيّ 2019-2020.