تَبادُلُ العُقول: مُغامَرَةٌ في قَرْيَةِ الرّيف

 
 
 
 

في قَرْيَةٍ جَميلَةٍ في أَعْماقِ الرّيف، يَعيشُ رَجُلٌ ذَكيٌّ وَمُفْعَمٌ بِالحَماسَةِ يُدْعى "طارِق". هوَ يَتَمَتَّعُ بِشَخْصيَّةٍ مُنْفَتِحَةٍ وَمَغْمورَةٍ بِالسَّعادَةِ والإيجابيَّة، والبَسْمَةُ لا تُفارِقُ وَجْهَه، وَحِكاياتُهُ مَليئَةٌ بِالنَّجاحاتِ والإِنْجازاتِ بِفَضْلِ عَمَلِهِ الجادِّ وَتَفاؤُلِهِ الدّائِم. أَمّا عَلى الجانِبِ الآخَرِ مِنَ القَرْيَة، فَيَعيشُ "خَليلٌ" الَّذي كانَ يَميلُ إِلى السَّلْبيَّةِ وَعَدَمِ الِاجْتِهاد.

ذاتَ يَوْمٍ حَدَثَ أَمْرٌ غَريب، إِذِ اسْتَيْقَظَ كُلٌّ مِنْ "طارِقٍ" وَ"خَليلٍ" في جِسْمِ الآخَر، وَكانَ عَلَيْهِما أَنْ يَعيشا بِشَخْصيَّةٍ مُخْتَلِفَة. وَكانَ هَذا الأَمْرُ صَدْمَةً لِكِلَيْهِما.

بَدَأَ "طارِقٌ" يَوْمَهُ وَهوَ يَشْعُرُ بالِارْتِباكِ والتَّوَتُّرِ بِسَبَبِ التَّغَيُّرِ المُفاجئ، لَكِنَّهُ حاوَلَ مَعَ مُرورِ الأَيّامِ أَنْ يَتَأَقْلَمَ مَعَ الوَضْع. وَفي أَحَدِ الأَيّام، كانَ "طارِقٌ" يُحاوِلُ التَّفاهُمَ مَعَ أَحَدِ الباعَةِ في السّوقِ لِشِراءِ بَعْضِ الخُضار. وَبَيْنَما كانَ يَخْتارُ الطَّماطِم، سَقَطَتْ واحِدَةٌ مِنْ يَدِهِ بِشَكْلٍ مُفاجِئٍ عَلى الأَرْض، فَحاوَلَ الْتِقاطَها بِسُرْعَةٍ وَلَكِنَّهُ انْزَلَقَ وَوَقَع. وَبَدَلًا مِنْ أَنْ يَسْخَرَ البائِعُ وَزَبائِنُهُ مِنْه، قَدَّموا لَهُ يَدَ العَوْنِ وَساعَدوهُ لِيَنْهَض. هَذا المَوْقِفُ جَعَلَ "طارِقٌ" يَشْعُرُ بِالِامْتِنان.

وَفي يَوْمٍ آخَر، دَخَلَ إِلى مَقْهى المَدينَةِ وَوَجَدَ أَصْدِقاءَه، فاقْتَرَبَ مِنْهُمْ وَسَلَّمَ عَلَيْهِم. لاحَظَ أَحَدُهُمُ التَّغَيُّرَ في سُلوكِهِ وَقالَ بِدَهْشَة: "أَنْتَ تَبْدو مُخْتَلِفًا اليَوْم! ما الَّذي حَدَث؟"، فَحاوَلَ "طارِقٌ" تَفْسيرَ الوَضْع، لَكِنَّ صَديقَهُ ابْتَسَمَ وَقال: "لا تَقْلَق، الجَميعُ يَمُرّونَ بِأَوْقاتٍ صَعْبَة." ثُمَّ قَدَّموا لَهُ الدَّعْمَ الَّذي يَحْتاجُ إِلَيْه.

أَمّا في الجانِبِ الآخَر، فَكانَ "خَليلٌ" يُحاوِلُ أَنْ يَتَعامَلَ بِروحٍ إيجابيَّةٍ مَعَ هَذا الوَضْعِ الجَديد. وَبَيْنَما كانَ يَعْمَلُ في مَكْتَبِهِ المَليءِ بِالأَوْراق، بَدَأَ الزُّمَلاءُ يُلاحِظونَ التَّغَيُّرَ الإيجابيَّ في سُلوكِهِ. وَبَعْدَ أَيّام، اِنْضَمَّ "خَليلٌ" إِلى فِرْقَةِ الرَّقْصِ المَحَلّيَّةِ في الحَديقَة، وَفيما كانَ يُحاوِلُ تَقْليدَ حَرَكاتِ الرَّقْص، اِنْزَلَقَ وَوَقَعَ عَلى الأَرْضِ، وَبَدَلًا مِنَ الشُّعورِ بالإِحْراج، ضَحِكَ "خَليلٌ" عَلى نَفْسِه، وَهَذا جَعَلَهُ يَكْتَسِبُ احْتِرامَ الجَميعِ لِتَواضُعِه.

خِلالَ هَذِهِ الفَتْرَة، حاوَلَ كُلٌّ مِنْ "طارِقٍ" وَ"خَليلٍ" مَعْرِفَةَ سَبَبِ ما حَصَلَ لَهُما، لَكِنْ مِنْ دونِ جَدْوى. وَذاتَ يَوْم، قَرَآ إِعْلانًا عَنْ جِهازٍ غَريبٍ يَقومُ بِتَبادُلِ العُقول، فَتَحَرَّيا عَنِ المَوْضوعِ وَاكْتَشَفا أَنَّ عالِمًا عَبْقَريًّا اخْتَرَعَهُ وَحاوَلَ تَطْبيقَهُ عَلَيْهِما سِرًّا ليَتَأَكَّدَ مِنْ نَجاحِه، فَتَواصَلا مَعَهُ بِهَدَفِ اسْتِعادَةِ عَقْلَيْهِما.

وَهَكَذا، اِجْتَمَعَ الثَّلاثَةُ وَبَدَأَتْ عَمَليَّةُ التَّبادُل. وَبَعْدَ تَفْعيلِ الجِهاز، شَعَرَ "طارِقٌ" وَ"خَليلٌ" بِوَميضٍ ساطِعٍ في رَأْسَيْهِما، ثُمَّ عادا إِلى جَِسْمَيْهِما بِسَلامَة. تَعَلَّمَ كُلٌّ مِنْهُما أَنَّ الِاحْتِرامَ وَالدَّعْمَ المُتَبادَلَ هُما مِفْتاحُ النَّجاح، وَأَنَّ الفَشَلَ جُزْءٌ طَبيعيٌّ مِنْ عَمَليَّةِ التَّعَلُّم.


هذا النّصّ من تأليف التّلميذ "عبدالرّحمن هاني الجندي" بإشراف المعلّم "أحمد أبي طالب" في الصّفّ الثّاني عشر أساسيّ من "المدرسة العالميّة الأميركيّة/ الإمارات العربيّة المتّحدة" خلال مشاركته في مسابقة التّعبير الكتابيّ على منصّة "كم كلمة" في العام الدّراسيّ 2023-2024.




Previous
Previous

مُغامَراتُ السَّيِّدِ "فَيْصَل" وَالسَّيِّدِ "جَميل": صِراعُ التَّقْليدِ وَالتِّكْنولوجيا

Next
Next

المَدْرَسَةُ العَجيبَة