تَبادُلُ العُقول: رِحلةٌ نحوَ الابتكارِ وَالتّغيير
في عصرِ التّكنولوجيا المتطوّرة، قرّرَ عبقريٌّ مبتكِرٌ أنْ يختبرَ أحدثَ اختراعاتِهِ الثّوريّة، وَهيَ آلةُ تبادلِ العُقول. هذهِ الآلةُ قادرةٌ عَلى نقلِ عقلِ شخصٍ ما إلى جسمِ شخصٍ آخر، ممّا يُمكِّنُ النّاسَ منْ تبادلِ الخبراتِ وَالعقولِ لاكتسابِ منظورٍ جديدٍ للحَياة. وَلِاختبارِ هذا الابتكارِ المُثير، اختارَ العبقريُّ شخصيْنِ بشكلٍ عشوائيّ: الأوّلُ شابٌّ مفعمٌ بالحيويّةِ وَذو عقليّةِ النّموّ، وهوَ دائمُ البحثِ عنِ التّحسينِ والتّطوير. أمّا الثّاني فهوَ شخصٌ ذو عقليّةِ الجمود، وَهوَ مُحبٌّ للرّوتينِ والثّباتِ وَيَخْشى التّغيير.
في معملِ العبقريّ، جلسَ الشّخصانِ في مَقاعدَ أمامَ الآلةِ الَّتي بدأَتْ تعملُ بصوتٍ خافتٍ مُطلِقةً أضواءَ برّاقة. فجأةً تَلاشى الصّوتُ وَتوقّفَ كلُّ شيءٍ ليشعرَ الاثنانِ بِصعقةٍ كهربائيّةٍ خفيفةٍ وَيفقدا الوعيَ بعدَها. عندَما اسْتعادا وَعْيَهُما، أَدْرَكا أنَّ عقلَيْهِما قدْ تبادَلا، فَوجدَ الشّخصُ ذو عقليّةِ النّموِّ نفسَهُ في جسمِ الشَّخصِ الَّذي كانَ مُعْتادًا عَلى الجُمود، بَيْنَما اكتشفَ الشّخصُ الآخرُ أنَّ عقلَهُ الآنَ مفعمٌ بِالطّاقةِ وَالأفكارِ الَّتي لا تتوقَّف.
وَهُنا بدأَتِ التّحدّياتُ الحَقيقيَّة. فَصاحبُ عقليّةِ النّموِّ الَّذي كانَ يعتمدُ دائمًا عَلى مُرونتِهِ الفِكريَّة، وجدَ نفسَهُ في بيئةٍ جامدةٍ وَمليئةٍ بالرّوتينِ الصّارم. كلُّ قراراتِهِ كانَتْ تواجِهُ جُدرانًا صلبةً منَ القيود، مثلَ اختيارِ وجبةِ الإفطارِ الَّذي كانَ يبدو تحدّيًا لا يمكنُ تجاوزُه. وَمُحاولاتُهُ لإقناعِ زملائِهِ أوْ عائلتِهِ بِأفكارِهِ المُبتكَرةِ كانَتْ تواجِهُ مقاومةً شديدة. بَعْدَ ذلك، شعرَ بِالإحباطِ لكنَّهُ سُرعانَ ما لجأَ إِلى التّفكيرِ الإِبداعيِّ واستعمالِ الفكاهةِ لِجذْبِ الِانتباه. وَفي أحدِ المواقف، حاولَ إقناعَ زملائِهِ بِالعملِ عَلى تجربةِ نهجٍ جديدٍ للتّسويق. وَبَدلًا منَ الإِصرار، قدّمَ أفكارَهُ بشكلٍ فكاهيّ، مثلَ جعلِ الإعلانِ يظهرُ بشكلٍ مفاجئٍ كَفقاعةٍ تطير. وَالغريبُ أنَّ الفكاهةَ نجحَتْ وَبَدأوا يتقبّلون الفكرة.
في الجهةِ الأخرى، بدأَ صاحبُ عقليّةِ الجمودِ يواجهُ تدفّقَ الأفكارِ الجديدةِ بذهول. فوجدَ نفسَهُ مليئًا بِالحماسةِ لتجربةِ أمورٍ جديدة، وَكانَ يتساءلُ حولَ إمكانيّةِ اختراعِ كرسيٍّ يَطير، أوْ تحويلِ الملابسِ إِلى شاشاتِ عرض… لكنَّ الصّعوبةَ كانَتْ عندَما حاولَ ترتيبَ هذهِ الأفكارِ وتنظيمَها، فَكلُّ فكرةٍ جديدةٍ كانَتْ تصطدمُ بِفوضى إِبْداعيّةٍ غيرِ مسبوقَة. في البدايةِ شعرَ بِالارتباك، لكنَّهُ تعلَّمَ ببطءٍ كيفيّةَ استغلالِ هذا التّدفّقِ الإبداعيّ. ثمَّ بدأَ بِتجريبِ الأفكارِ الصّغيرةِ أوّلًا، فَقرّرَ تجربةَ تصميمِ لعبةٍ بسيطةٍ تُحاكي فكرةَ "الكرسيِّ الطّائرِ" في المدرسة، وَكانَ هذا المشروعُ هوَ ما ساعدَهُ في تحقيقِ نتائجَ مذهلة، حيثُ قدّمَ أفكارًا جديدةً جعلَتِ الجميعَ ينبهرونَ بِإبداعِه.
وَمعَ مرورِ الوقت، بدأَ كلٌّ منَ الشَّخصينِ يتعلّمُ منَ الآخر. فَصاحبُ عقليّةِ الجمودِ تعلَّمَ أنَّهُ يمكنُهُ تنظيمُ أفكارِهِ المبدعةِ عبرَ تحديدِ أولويّاتٍ محدّدةٍ واستعمالِ خطواتٍ صغيرةٍ لتنفيذِها. بفضلِ ذلك، تمكّنَ منَ الابتكارِ بطريقةٍ منظّمةٍ جعلت أفكارَهُ أكثرَ فعّاليّة. وَفي المقابل، أدركَ صاحبُ عقليّةِ النّموِّ أنَّ التّغييرَ لا يُمْكنُ فرضُهُ عَلى الآخرين، بلْ يحصلُ منْ خلالِ الإلهامِ والتّحفيزِ التّدريجيّ. كَما اكتشفَ أنَّ التّروّيَ أحيانًا يمكنُ أنْ يكونَ مُفتاحًا للنّجاحِ في بيئةٍ ترفضُ التّحوّلاتِ المفاجئة.
معَ انتهاءِ التّجربة، عادَ كلٌّ منَ الشَّخصيْنِ إِلى جسمِهِ الأصليّ، لكنَّهُما لم يعودا كما كانا. فالشّخصُ ذو عقليّةِ الجمودِ أصبحَ أكثرَ مرونةً وتقبّلًا للتّغيير، بينَما الشّخصُ ذو عقليّةِ النّموِّ اكتسبَ صبرًا وتنظيمًا أكبرَ في مقاربتِهِ الأفكارَ الجديدة. عندَها، أصبحَ الاثنانِ أكثرَ استعدادًا لمواجهةِ تحدّياتِ المستقبلِ بطريقةٍ مختلفةٍ تمامًا، متسلّحَيْنِ بالمثابرةِ والعملِ الجماعيّ. بِهذهِ الطّريقة، أثبتا أنَّ التّعاونَ بينَ الأفكارِ المختلفةِ هو ما يؤدّي إلى النّجاحِ الحقيقيّ.
هذا النّصّ من تأليف التّلميذ "علي أندرو نمر" بإشراف المعلّم "محمود أحمد " في الصّفّ العاشر أساسيّ من "مدرسة الحكمة الدّوليّة" خلال مشاركته في مسابقة التّعبير الكتابيّ على منصّة "كم كلمة" في العام الدّراسيّ 2023-2024.