الشَّرابُ الغَريب

 
 
 
 

في أَحَدِ الأَيّامِ المُشْمِسَة، اِسْتَيْقَظْتُ واسْتَحْمَمْتُ وَأَعْدَدْتُ الفَطورَ وَتَناوَلْتُهُ كالعادَة.

لَكِنَّ ذَلِكَ اليَوْمَ كانَ مُخْتَلِفًا، وَأَحْداثٌ غَريبَةٌ حَصَلَتْ خِلالَه. فَبَيْنَما كُنْتُ أُحَضِّرُ الحَلْوى، رَأَيْتُ مَشْروبًا غَريبًا في الثَّلّاجَة، وَمِنْ دونِ تَفْكيرٍ مُطَوَّلٍ شَرِبْتُه، فَشَعَرْتُ بِالدّوارِ والتَّعَبِ وَنِمْتُ قَليلًا.


وَعِنْدَما اسْتَيْقَظْتُ كُنْتُ في حَيْرَةٍ مِنْ أَمْري؛ إِذْ وَجَدْتُ نَفْسي في مَدينَةٍ غَريبَةٍ مَليئَةٍ بِالمُفاجآتِ الِاسْتِثْنائيَّة. فَقَدْ رَأَيْتُ أُمورًا غَريبَةً تَحْصُل، إِذْ إِنَّ الحَيَواناتِ هُناكَ تَتَكَلَّمُ وَالبَشَرَ مَعْدومون، فَأَدْرَكْتُ أَنَّني في دُنْيا العَجائِب. كانَتِ الحَيَواناتُ تَتَحَضَّرُ لِسِباقٍ لَيْسَ عاديًّا بَيْنَ سُلَحْفاةٍ وَأَرْنَب. جَلَسْتُ لِأُشاهِدَ السِّباق، فَرآني أَسَدٌ وَقالَ لي: "أَنْتَ تَبْدو مُخْتَلِفًا! مَنْ أَنْت؟"، فَأَجَبْتُه: "أَنا إِنْسان، وَلَكِنْ أَنْتَ كَيْفَ تَتَكَلَّم؟". فَضَحِكَ الأَسَدُ قائِلًا: "أَأَنْتَ مَجْنون؟ ماذا تَقْصِدُ بِكَيْفَ أَتَكَلَّم؟ أَنا أَتَكَلَّمُ مِنْ فَمي. تَعالَ تَعالَ لِأُعَرِّفَكَ إِلى أَصْدِقائي." وَبَيْنَما كُنّا نَسير، رَأَيْتُ الأَرْنَبَ يَضْحَكُ ضَحِكًا هِسْتيريًّا عَلى السُّلَحْفاةِ وَيَقولُ لَها: "أَتَعْتَقِدينَ حَقًّا أَنَّكِ سَتَهْزِمينَني في السِّباق؟"، فَضَحِكَتِ السُّلَحْفاةُ وَبَقيَتْ صامِتَة. ثُمَّ وَصَلْنا إِلى بَقيَّةِ الحَيَوانات، فَأَخْبَرَتْني عَنْ هَذا العالَمِ الغَريبِ وَكَيْفَ تَعْمَلُ فيهِ الحَيَواناتُ وَتَتَعَلَّمُ أُمورًا جَديدَةً كُلَّ يَوْم. بَعْدَها، بَدَأَ السِّباقُ وَفازَتِ السُّلَحْفاة، فَتَفاجَأَ الجَميعُ وَسَأَلَها الأَرْنَب: "كَيْفَ فُزْتِ؟"، فَرَدَّتْ قائِلَة: "هَذا لِأَنَّكَ بَطيءٌ مِثْلَ الحَلَزون." فَتَعالَتْ ضَحَكاتُ الحَيَواناتِ، وَأَخَذَتْني بَعْدَها إِلى مَنْزِلِها، وَكانَ أَشْبَهَ بِالمَكْتَبَةِ وَيَحْتَوي العَديدَ مِنَ الكُتُبِ الَّتي تَدورُ حَوْلَ "عَقْليَّةِ النُّموّ". فَأَكْمَلْتُ ما تَبَقّى مِنَ اليَوْمِ أَتَصَفَّحُ هَذِهِ الكُتُبَ الَّتي كانَ لَها تَأْثيرٌ فَوْريٌّ وَكَبيرٌ في تَفْكيري، فَقَدْ شَكَّلَتْ نُقْطَةَ تَحَوُّلٍ عَجيبٍ في فَهْمِ قُدُراتي الإِدْراكيَّةِ حَوْلَ كَيْفيَّةِ تَكْوينِ عَلاقاتٍ جَديدَةٍ ضِمْنَ البيئَةِ المُحيطَةِ بي.


وَفي المَساء، ذَهَبْتُ إِلى المَتْجَرِ لِأَشْتَريَ ما أَشْرَبُه، فَوَجَدْتُ العَصيرَ نَفْسَهُ الَّذي كانَ في ثَلّاجَتي، ثُمَّ اشْتَرَيْتُهُ بُغْيَةَ العَوْدَةِ إِلى المَنْزِل، وَوَدَّعْتُ الأَسَدَ وَبَقيَّةَ الحَيَواناتِ الَّتي أَعْطَتْني بَعْضَ الكُتُبِ لِأَحْتَفِظَ بِها. فَشَكَرْتُها وَشَرِبْتُ العَصير.


عِنْدَما عُدْتُ إِلى عالَمي، واصَلْتُ التَّعَلُّمَ وَلَمْ أَتَوَقَّفْ أَبَدًا بَعْدَ أَنْ تَكَوَّنَتْ لَدَيَّ رؤْيَةٌ جَديدَةٌ حَوْلَ فَهْمِ ذَكاءِ الآخَرين، وَبِناءِ تَفْكيرٍ مُتَطَوِّرٍ لِتَوْطيدِ العَلاقاتِ الِاجْتِماعيَّة، وَتَطْويرِ النُّموِّ العَقْليِّ والمَعْرِفيّ.

هذا النّصّ من تأليف التّلميذ "عبد الرّحيم الحصري" بإشراف المعلّم "محمّد فراس غايرلي" في الصّفّ السّادس أساسيّ من "المدرسة العالميّة الأميركيّة/ الإمارات العربيّة المتّحدة" خلال مشاركته في مسابقة التّعبير الكتابيّ على منصّة "كم كلمة" في العام الدّراسيّ 2023-2024.
.

Previous
Previous

المَدْرَسَةُ العَجيبَة

Next
Next

عالَمُ الخَيالِ السِّحْريّ