رِحْلَةُ التَّحَوُّلِ العَجيبَةُ
في عالَمِنا هذا، كُنْتُ أَحَدَ الأَشْخاصِ العالِقينَ في نَمَطٍ ثابِت، بِعَقْليَّةٍ جامِدَةٍ مُحاصَرَةٍ في مَتاهَةِ الرّوتينِ والتَّكْرار. كانَتْ حَياتي تَسيرُ بِبُطْءٍ وَكَأَنَّني مُجَرَّدُ قِطْعَةٍ صَغيرَةٍ في آلَةٍ ضَخْمَةٍ تَدورُ مِنْ دونِ أَيِّ تَغَيُّر. فَالأُمورُ نَفْسُها تَتَكَرَّرُ يَوْمًا بَعْدَ يَوْم، وَلَمْ أَكُنْ أَعْرِفُ كَيْفَ أَخْرُجُ مِنْ هَذا الشُّعورِ الخانِق.
وَفي يَوْمٍ لَيْسَ مُتَوَقَّعًا، حَدَثَ أَمْرٌ غَريبٌ بَعْدَ أَنْ تَناوَلْتُ جُرْعَةً مِنْ خَلْطَةٍ سِحْريَّة. فَقَدْ وَجَدْتُ نَفْسي في عالَمٍ جَديدٍ تَمامًا، عالَمِ العَجائِب، حَيْثُ لَمْ يَعُدْ عَقْلي وَجِسْمي كَما كانا مِنْ قَبْل، وَلَمْ تَعُدِ القَوانينُ الَّتي كُنْتُ أَعْرِفُها تَتَحَكَّمُ في الواقِع. كُلُّ شَيْءٍ كانَ مُخْتَلِفًا وَبَدا كَأَنَّهُ يَنْبِضُ بِالحَياةِ والطَّرافَة.
في عالَمِ العَجائِبِ هَذا، كانَ كُلُّ يَوْمٍ يَحْمِلُ مَعَهُ تَحَدّياتٍ جَديدَةً وَأَحْداثًا غَيْرَ مُتَوَقَّعَة. وَفي إِحْدى المَرّات، وَجَدْتُ نَفْسي أَمامَ بابٍ مُغْلَق، وَعِنْدَما حاوَلْتُ فَتْحَهُ بِالقوَّة، تَحَوَّلَ إِلى قِطَّةٍ صَغيرَة. كُنْتُ أَضْحَكُ عَلى المَوْقِف، وَلَمْ أَكُنِ الوَحيد، فَكُلُّ مَنْ حَوْلي ضَحِكَ بِشَكْلٍ هِسْتيريّ.
وَذاتَ يَوْم، دَخَلْتُ إِلى مَطْعَمٍ غَريبٍ حَيْثُ كانَ الطُّهاةُ روبوتات. طَلَبْتُ طَبَقًا مِنَ السَّمَكِ المَقْليّ، وَلَكِن، بَدَلًا مِنْ قَلْيِ السَّمَك، أَطْلَقَ الطّاهي النّارَ عَلَيْهِ بِاسْتِعْمالِ قاذِفَةِ صَواريخ. فانْفَجَرَ المَكان، وَتَناثَرَتِ الأَسْماكُ في كُلِّ الِاتِّجاهات، بَيْنَما كُنْتُ أَقِفُ مَذْهولًا في مَكاني.
وَفي يَوْمٍ آخَر، قَرَّرْتُ تَعَلُّمَ بَعْضِ الحيَلِ السِّحْريَّة، وَعِنْدَما حاوَلْتُ تَحْويلَ أَرْنَبٍ إِلى طائِر، حَدَثَ خَطَأ، فَتَحَوَّلَ إِلى بَطَّةٍ ضَخْمَةٍ بَدَأَتْ تُطارِدُني في كُلِّ أَرْجاءِ الغُرْفَة.
مَعَ مُرورِ الوَقْت، أَدْرَكْتُ أَنَّهُ لا داعيَ للخَوْفِ أوِ القلقِ منْ هذهِ المَواقِفِ الغَريبَة، وَبَدَأْتُ أَتَعَلَّمُ كَيْفَ أَتَعامَلُ مَعَها بِذَكاءٍ وَروحٍ مَرِحَة، وَكَيْفَ أواجِهُ الأُمورَ بِطَريقَةٍ إِبْداعيَّةٍ وَأَبْحَثُ عَنْ حُلولٍ غَيْرِ تَقْليديَّة. فَقَدْ بَدَأْتُ أَتَعامَلُ مَعَ سُكّانِ هَذا العالَمِ العَجيبِ وَأُطَوِّرُ عَلاقاتٍ اجْتِماعيَّةً مَليئَةً بِالمَرَحِ والمَواقِفِ الطَّريفَة.
وَفي نِهايَةِ المَطاف، تَحَوَّلْتُ مِنْ شَخْصٍ جامِدٍ إِلى شَخْصٍ مُنْفَتِحٍ عَلى التَّغْييرِ وَمُسْتَعِدٍّ لِمواجَهَةِ أَيِّ تَحَدٍّ مَهْما كانَ غَريبًا أَوْ غَيْرَ متَوَقَّع. كَما أَصْبَحْتُ أَكْثَرَ ذَكاءً وَقُدْرَةً عَلى التَّعامُلِ مَعَ المَواقِفِ بِطَريقَةٍ مَرِحَةٍ وَإِبْداعيَّة. تِلْكَ الخَلْطَةُ السِّحْريَّةُ لَمْ تُغَيِّرْني وَحَسْب، بَلْ فَتَحَتْ لي أَبْوابًا جَديدَةً لَمْ أَكُنْ أَعْتَقِدُ أَنَّها مَوْجودَة. والآن، أَعيشُ في هَذا العالَمِ العَجيبِ بِخِفَّةٍ وَمَرَح، وَأَبْحَثُ دَوْمًا عَنْ تَجارِبَ جَديدَةٍ وَمَليئَةٍ بِالإِبْداعِ والتَّحَدّيات.
هذا النّصّ من تأليف التّلميذة "آلاء محمّد هلال" بإشراف المعلّمة "دينا وجيه" في الصّفّ السّادس أساسيّ من "مدرسة الحكمة الدوليّة" خلال مشاركتها في مسابقة التّعبير الكتابيّ على منصّة "كم كلمة" في العام الدّراسيّ 2023-2024.