تحدّياتُ المدرسةِ الغَريبة

 
 
 
 

في مدرستي معلّمتانِ تتميّزانِ بِأسلوبيْنِ مُتناقضيْنِ تَمامًا: عقليّةِ النّموِّ وَعقليّةِ الجُمود. المعلّمةُ الّتي تمثّلُ عقليّةَ النّموِّ كانَتْ فريدةً منْ نَوْعِها، وَترتدي تنّورةً خضراءَ وَنظّاراتٍ كبيرة. كانَتْ تمشي دائمًا وهيَ تغنّي أغانٍ قديمة، وتحرّكُ يَدَيْها بِحيويّةٍ غيرِ مسبوقة، وَتثيرُ البهجةَ بينَ التّلاميذ. أَمّا معلّمةُ عقليّةِ الجُمودِ فَكانَتْ جادَّةً وَتُمسكُ كتبَها بحزْم، وَتعلِّمُنا بِنظرةٍ ثابتةٍ وَصوتٍ هادئٍ مليءٍ بِالتَّحليلِ العَميق.

معَ كلِّ حصةٍ تمرّ، كانَ الفرقُ بينَهُما يُصبحُ أوْضح. فَمعلّمةُ عقليّةِ النّموِّ كانَتْ دائمًا تشجّعنا على الإبداعِ وتقديمِ الأفكارِ الجديدة، وَكانَتْ تؤمنُ بِأنَّ كلَّ تلميذٍ لديْهِ موهبةٌ يجبُ اكْتشافُها. أَمّا معلّمةُ عقليّةِ الجُمودِ فَكانَتْ تفرضُ عليْنا النّظامَ والانضباط، وَتطلبُ إليْنا رفعَ مستوى تحليلِنا وَتركيزِنا. لكنَّ للمعلّمتيْنِ تأثيرًا عميقًا بِأسلوبيْنِ مُتباينيْن.

وَفي أحدِ الأيّام، واجهْتُ تحدّيًا كبيرًا في حصّةِ معلّمةِ عقليّةِ الجُمود، حيثُ كانَتْ تطلبُ إليْنا تفسيرًا عميقًا لِموضوعٍ معقَّد. شعرْتُ بِالإحباط، لكنَّني أدركْتُ أنَّني بحاجةٍ إِلى تحدّي نفسي أكثر. في المُقابل، كانَتْ حصّةُ معلّمةِ عقليّةِ النّموِّ تفتحُ أمامي أبوابًا جديدةً للتّفكيرِ والإبداع، وَتشجّعُني عَلى اكتشافِ مَواهبي وَتَحدّي أَفْكاري.

وَمعَ مرورِ الأيّام، وجدْتُ نفسي مُستفيدةً منْ أسلوبَيِ التّعليمِ المُخْتلفيْن. فَبَيْنَما كانَتْ معلِّمةُ الجمودِ تدفعُني إِلى التَّفكيرِ النَّقديِّ بجديّة، كانَتْ معلّمةُ النّموِّ تدعمُني لأكونَ مبتكِرةً وَغيرَ تقليديّة. وَهُنا بدأْتُ ألاحظُ أنَّني أصبحْتُ قادرةً على مزجِ المهارتيْن: التّحليلِ العميقِ والتّفكيرِ الإبداعيّ.

وَفي نهايةِ العامِ الدّراسيّ، شعرْتُ بِالامتنانِ للمعلّمتيْن؛ لأنَّ كلَّ واحدةٍ منهُما كانَتْ تساهمُ في تطويرِ جزءٍ مختلفٍ منْ شخصيّتي وَمهاراتي. وبالرُّغمِ منْ أنَّ أسلوبَهُما كانَ مُتناقضًا، إِلّا أنَّ تلكَ المدرسةَ الغريبةَ أصبحَتْ بالنّسبةِ إليَّ تجربةً ممتعةً وَتعليميّة، حيْثُ تعلّمْتُ أنَّ التَّحدّياتِ هيَ طريقُ النّموِّ والنَّجاح.



هذا النّصّ من تأليف التّلميذة "عائشة الحمادى" بإشراف المعلّمة "عهود أبو سرية" في الصّفّ التّاسع أساسيّ من "أكاديميّة الشّيخ زايد الخاصّة للبنات" خلال مشاركتها في مسابقة التّعبير الكتابيّ على منصّة "كم كلمة" في العام الدّراسيّ 2023-2024.






Previous
Previous

مَدْرَسَةُ الأَساليبِ الرّاقيةِ

Next
Next

مَدْرَسَتي العَجيبَة