مَدْرَسَةُ الأَساليبِ الرّاقيةِ

 
 
 
 

في صباحِ اليومِ الدِّراسيِّ الأَوَّلِ في مدرسةِ "الأساليبِ الرّاقيَة"، دخلَ المديرُ الحازِمُ منْ بوّابةِ المدرسةِ مُستعرضًا قيمَ الالتزامِ واحترامَ القوانينِ، مُشَجِّعًا الجميعَ عَلى التّفاعُلِ الإيجابيّ. كانَتْ كلماتُهُ واضحةً وجادّة، تحْمِلُ في طَيّاتِها رسالةً لتشجيعِ التّلاميذِ عَلى التّفكُّرِ والاحْترام.


وَبينَما كانَ المديرُ يتقدّمُ بِخطواتِهِ الواثقة، لمْ ينتبهْ لِصخرةٍ كبيرةٍ تعترضُ طريقَهُ في ساحةِ المدرسة. وَفجأة، تعثّرَ وَسقطَ في حفرةٍ عميقة، فامتلأَ المكانُ بِتعليقاتِ التّلاميذِ المُبهجة، ممّا أَضْفى جَوًّا مِنَ الأُلفةِ والمَرَحِ عَلى الموقِف.


وَفي الوقتِ عينِه، كانَ مسؤولُ شؤونِ التّلاميذِ يمرُّ بينَهُمْ بِأسلوبِهِ المُعتادِ المليءِ بِالتَّحْذيرِ والزَّجر، مُستعملًا عِباراتِ النَّهيّ مِثْلَ: "لا تتكلَّمُوا، لا تضحَكوا"، مِمّا جعلَ التّلاميذَ يُطلقونَ عليْهِ لقبَ المعلّمِ "الصّارم". وَفي هذهِ الأثناء، جاءَ الأستاذُ "المندهشُ" مُندهشًا: "ما أضخمَ تلكَ الصّخرة! وَما أكبرَها!"، ثمَّ تَلاهُ الأستاذُ "المُستفسرُ" مُستفسرًا: "منْ وضعَ تلكَ الصّخرة؟ وَمنْ حفرَ تلكَ الحفرة؟". بعدَها، اِزدادَتِ الفوضى حينَ بدأَ كلُّ معلّمٍ يوجّهُ الاتّهاماتِ إِلى التّلميذِ "المُنْكِر"، الَّذي كانَ ينكرُ كلَّ ما يُنسَبُ إليْه؛ فَتداخلَتِ الأَصْواتُ بِشكلٍ عفويّ، حَيْثُ تَبادلَ المعلّمونَ الأَفكارَ وَالنّقاشاتِ بِروحٍ منَ التَّعاون.

وَفي وسطِ تلكَ الفوضى، ظهرَ الأستاذُ "الحَكيمُ" بِحكمتِهِ وَهدوئِه، وَتحدّثَ بِصوتٍ حازم: "أَيُّها المعلّمون، إنَّكُمْ تفتقرونَ إِلى التّأنّي وَالصّبرِ في إِصدارِ الأَحكام. أنتُمْ تَتواجَدونَ في مدرسةِ "الأساليبِ الرّاقية"، حيثُ يجبُ أَنْ نتبنّى أساليبَ تعليميّةً إيجابيَّةً تدعمُ النّموَّ وَالتّفاهُم". فَلَفَتَ كلامُهُ انتباهَ الجميع، وَأصغَوا إِلى اعترافِهِ بِتركيز: "أَنا منْ وضعَ الصّخرةَ وَحفرَ الحُفرة، وَذلكَ لأعلّمَكُم درسًا في التّفكيرِ المنطقيِّ وَالتّحليلِ قبلَ إصدارِ الأحكام". آنذاك، ضحكَ الجميعُ وَصاروا يُصفّقون، وَتحوّلَ الموقفُ منْ حالةِ جدالٍ وَصراخٍ إِلى درسٍ عمليٍّ في التّفكيرِ والتَّروّي.


وَفي ختامِ الجدلِ الحاصل، وَبينَما كانَ الأستاذُ "الصّارِمُ" يقفُ على بابِ المدرسة، وصلَ تلميذٌ متأخّرٌ فَقالَ لَه: "مَرحبًا بِك، يُفضَّلُ أنْ تأتيَ في الوقتِ المُحدَّد، لَكنْ يُمكنُكَ الدُّخول الآن". ثمَّ جاءَ بعدَهُ ابنُ المديرِ متأخّرًا أيضًا، فَوقفَ الأستاذُ "الصّارِمُ" مُتردّدًا بينَ الخوفِ وَالحرجِ، لِذا حاولَ أنْ يتصرّفَ بِطريقةٍ لائقة، فقالَ بِصوتٍ لطيف: "اُدخلا بِسرعة، وَلا تكرِّرا ذلكَ ثانيةً". وَأخيرًا، ضحكَ المديرُ وَالمعلّمونَ وَالتّلاميذُ منْ هذا التّحوّلِ الطّريفِ في سلوكِ الأستاذِ "الصّارِم".



هذا النّصّ من تأليف التّلميذ "حمد خالد العوضي" بإشراف المعلّم "أحمد أبو طالب" في الصّفّ التّاسع أساسيّ من "المدرسة الأمريكيّة العالميّة" خلال مشاركته في مسابقة التّعبير الكتابيّ على منصّة "كم كلمة" في العام الدّراسيّ 2023-2024.






Previous
Previous

مَدْرَسَةُ الدَّهْشَة

Next
Next

تحدّياتُ المدرسةِ الغَريبة